العمارة الدّمشقية………إرث جمالي مستدام

 

تعتبر العمارة الدمشقية نموذجا من الإبداع و السخاء في التصاميم و الزخرفة و يظهر ذلك جليّا داخل البيوت على عكس خارجها المطل على الحارات ذات الأزقة الضيقّة و المتعرجة و المنازل المتلاصقة و المتعانقة التّي تعكس حضارة ساكنيها حيث عرف أهل دمشق ” بمملكة الفكر الهندسي”.

 و يقول أهل الحارات أنّ ذلك لسببين  الأول أمني حيث يسهل الدفاع عن الأزّقة اذا هوجمت و الثاني إجتماعي إذ يمكّن النساء من الخروج من بيت لآخر دون أن يراهن إحد لأنّ الأزقة المتعرجة تحجب    الرؤية  كما تحتوي الحارات القديمة على كلّ الخدمات  التّي يحتاجها المرء و التّي تستجيب لجميع متطلباته لتحقق بذلك وحدة سكنية محليّة

و عند رؤيتنا للهندسة الخارجية نجد أنها تحتوي على العناصر المعمارية الإسلامية كالمشرابية و البروزات على مستوى الطابق العلوي للمنازل بالاضافة الى بعض النوافذ الصغيرة الحجم و قد تكون منعدمة تماما في بعض الأحيان.

:البيت الدّمشقي

تبدأ عناصر العمارة الدمشقية الفريدة من البيت الدمشقي المستوحى من الحضارة العربية الإسلامية .
يعدّ البيت الدّمشقي مثالا لروعة العمارة الإسلامية، مغلق من الخارج و مفتوح من الدّاخل محققا الخصوصية التي عرفت بها جلّ المنازل العربية.
لمحة تاريخية:
يعود تاريخ البيت الدّمشقي إلى القرنين 17 و 18 و إستمّر إلى أن دخلت دمشق العصر الحديث في القرن 19 م متأثرة بالعمران الأوروبي.
{و يقال أن أول بيت عربي شيّد في دمشق كان للخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان حيث شيّده أيام ولايته على الشّام بالقرب من الجامع الأموي و عرف بإسم قصر الخضراء نسبة إلى القبة التّي كانت تعلوه، و كان دارا للولاية و سكنه معاوية 40 عاما. كما يقول إبن كثير}.
و تختلف البيوت الدمشقية عن بعضها من حيث المساحة و المرافق المتوفرة و الزخارف إلّا أن عناصرها الأساسية تبقى ثابتة.
تنقسم هذه البيوت عادة إلى ثلاثة أقسام السّلملك و هو جناح الإستقبال الخارجي مخصصّ للضيوف و يكون غالبا عند مدخل البيت.
القسم الثاني و هو الحرملك و هو جناح المعيشة خاص بالأسرة و آخر قسم هو الخدملك و يكون عادة في البيوت الكبيرة و القصور.
لا يخلو ركن أو مرفق أو جدار بالمنزل من الزّخارف و النّقوش و هذا ما تؤّكده المهندسة “هلا قصقص” حيث تقول أنّ البيت الدّمشقي إستمّد تصميمه من نموذجي أساسيين: الأوّل فكري مستنياك من المفاهيم المنعكسة من الّثقافة الإسلامية و الثّاني تقني إستمّد تصميم الفراغات الدّاخلية لحديقة الفناء من فكرة الحديقة الرباعيّة الفارسيّة و التّي تسمّى بنظام “chahar bagh”

 

العناصر الرّئيسية للبيت الدّمشقي:
أوّل ما يمر به الزّائر إلى المنزل الدّمشقي هو “باب الزّقاق” و هو باب كبير من الخشب يضمّ بابا صغيرا يسمّى “الخوخة” يعلوه قوس يسمح بمرور الأشخاص فقط.
يؤّدي هذا الأخير إلى ممّر ضيّق يسمّى “الدّهليز”[ و هو ما يعرف بالسّقيفة في العمارة العثمانيّة] و الغرض منه الحفاظ على خصوصيّة البيت.
يأخذنا الدّهيلز إلى باحة كبيرة مفتوحة تتوسطّها نافورة من الرّخام و هي “أرض الدّيار” و التّي تعتبر من أهم العناصر المكونة للبيت.
تنفتح هذه الأخيرة على مكان مهمين في البيت الدّمشقي و هو الإيوان”اللّيوان” يكون عادة في الواجهة الجنوبية للمنزل، يرتفع ب 50 سم عن الأرضيّة.


يتكوّن اللّيوان من ثلاث جدران مزخرفة يعلوها قوس كبير مسنود على ركيزتان من الحجر، و هو مصمّم بطريقة تسمح له للإستفادة .من أشعة الشمس طوال النّهار

 و من بين أهم فضاءات الطّابق السّفلي للمنزل الدّمشقي “الدّيوانية و تسمّى أيضا “البراني” و هي غرفة قريبة من المدخل تستعمل لإستقبال الضيوف.

يتكون المنزل عادة من طابقين حيث يحتوي الطابق العلوي على غرف النّوم و غرف المعيشة التّي تطّل جميعها على الفناء الدّاخلي

الخصائص الهندسية للبيت الدّمشقي 

أهّم ما يمّيز البيت الدّمشقي هي الزّخرفة المتنوعة و التّي نجدها غالبا في كلّ أرجاء المنزل، تكون مصنوعة عادة من مواد كالخشب و الحجر و الرّخام و تعتمد على الأشكال الهندسية المتناسقة.

ثاني الخصائص هي التّنظيم المعماري و الإنشائي للمنزل الدّمشقي حيث صمّم هذا الأخير بطريقة متقنة و مهتمّة بأدق التّفاصيل، كما نجد تنّوعا في مواد البناء من خشب و طين و الحجز ذات الطبيعة العازلة.

الخصائص المناخيّة للبيت الدّمشقي

تلعب باحة المنزل الدّمشقي دورا مهمّا في توفير الرّطوبة لكافة البيت بالإضافة إلى أنّها تحتوي في غالب الأوقات على نافورة مياه تتوّسطها، تزيد من جماليّة المكان ،دون أن ننسى الطبيعة الوظيفيّة لها حيث تعمل كمكيّف طبيعي ، تلطّف الجو و تخّفض درجة الحرارة.

 إضافة إلى إحتواء أرض الدّيار على مجموعة من النّباتات و الأشجار التّي تنعش المكان و تجعل السّاكن في غنى عن الخروج من البيت.

 

كلّ هذا من جهة، و من جهة أخرى يعتبر التّصميم الإنشائي من أهّم الخصائص المناخيّة أيضا ، فنجد الجدران تساعد في الحفاظ على درجة الحرارة نظرا للمواد المصنوعة بها و سمكها المعتبر ، إضافة ،إلى إرتفاع الأسقف الذّي يعادل طابقين في فضاءات الإستقبال تساعد في التهوية و الرّطوبة ، فيكون بذلك قد حقّق البيت الدّمشقي الإستدامة اللّازمة.

يعتبر البيت الدّمشقي القديم عالما من الّتفاصيل الّشاهدة على تنوّع الحضارات و الذّي يذهل كلّ من زاره.

و قد شهدت أبرز المنازل و أشهرها في دمشق عمليّات ترميم من  قبل السلطات المعنيّة للحفاظ عليها كموروث معماري. كما حوّلت بعضها إلى متاحف و فنادق و مطاعم جعلتها مستقطبا للسّياح من مختلف أنحاء العالم.

:المصادر

 

shorturl.at/gQT37

shorturl.at/bgGQV

 

 

منشآت الطوارئ…. العمارة في ظل الأزمات

 

يواجه البشر العديد من الكوارث التي قد تكون طبيعية أو بفعل الإنسان مما يسبب خللا في المجتمعات و هذا ما يستوجب اتخاذ إجراءات معينة لتفادي الأزمات و ايجاد الحلول المناسبة معماريا و عمرانيا.فكيف تستجيب العمارة للكوارث؟

“المناطق التي تحدث بها الكوارث التي لا تبق على شيئ تعد أيضا فرصة مثالية لنا لننظر الى الوضع الجديد من الألف الى الياء في معنى العمارة الحقيقي”تويو أتو- معماري ياباني.

تتميز معظم المنشآت المخصصة للأزمات بسهولة بناءها وبساطة تركيبها و استخدامها للمواد الاولية و كذا الاعتماد على تصاميم غير معقدة مما يجعلها سريعة التشييد للاستجابة لحاجيات المجتمع.

:سنتطرق في المقال التالي إلى بعض الأمثلة التي أعتمدت مسبقا في حالات الطوارئ

1/ نموذج النيبال

بعد الزلزال الذي ضرب النيبال في 2015 و الذي  خلف ورائه العديد من الناجين دون مأوى. قام فريق من المصممين بانشاء منظمة تدعى عمارة للجماهير Architecture for the masse  و التي تهدف الى ايواء السكان من خلال توفير تصميم معماري سهل الاستخدام و يعتمد في بناءه على المواد الاساسية  كالخيزران الذي يتميز بالمرونة و خفة الوزن بالاضافة الى الصفائح المعدنية.و كذا أنقاض البنايات المهدمة حيث تعتبر هذه المواد الأنسب للمنطقة التي تتميز ..بالرياح الموسمية و التي تهدم غالبا البيوت المشيدة بالطين.

قام المعماريان تشارلز لاي و تاكيهيكو سوزوكي بالتعاون مع جمعية One village focus funds  بتقديم التصميم حيث يتمكن 04 عمال و 10 متطوعين من انجاز النموذج في فترة تتراوح مابين يومين الى ثلاثة أيام. تبلغ ابعاد النموذج التجريبي 3*6 امتار. يتم إنشاءه من خلال وحدات من اطارات وصل خشبية تملأ الفراغات في الجدران بالآجر كما يمكن استخدامه لعدة وظائف كالعيادات و مراكز الرعاية الصحية.

2/نماذج طوكيو

من بين النماذج التي عملت ضجة في مجال العمارة منازل المهندس المعماري الياباني “شيغيرو بان”الذي اختار بناء عمارة خاصة بالكوارث اساسها الورق المعاد تدويره.

اثارت هذه المنازل جدلا حول مدة صمودها و مقاومتها للظروف الخارجية و خاصة ان الورق من اضعف المواد الا ان المهندس الياباني كان له رأايا آخر في الموضوع حيث استخدم اسطوانات من الورق المقوى المعالج بمادة تجعله يتحول الى قاعدة صلبة لإقامة الملاجئ و المساكن المؤقتة التي  تحتاج سرعة في التنفيذ .

عمل شيغيرو بان على تطوير هذا النوع من البناء من خلال اسلوب انشاء يجعل الورق يتحمل المطر و الرطوبة و كذا السقف المصمم لكي يبعد المطر عن باقي المبنى كما استخدم في تصميمه وسائل صديقة للبيئة تمكن من اعادة تدويرها حتى إنه قابل للتحلل.

طبق المشروع في سنة 1994 بروندا و في زلزال كوبي باليابان سنة 1995 كما قام المهندس بتشييد كتدرائية بنيوزيلندا من الورق المقوى بعد زلزال 2011 و المبنى المستقبل للجماهير باستخدام أغطية بلاستيكية و قوالب من الورق المقوى خاصة بالأعمدة الاسمنتية.

على اثر هذا تحصل “شيغيرو بان”على جائزة بريتزكر للهندسة في 2014 عن توفيره  لمأوى و مراكز مجتمعية و قد كان المهندس يسافر الى المواقع التي تشهد .كوارث بأنحاء العالم لمدة 20 عام و كذا العمل مع المتطوعين لإنشاء مباني للمتضررين بأقل مدة و اقل تكلفة

3/مستشفى ووهان

بعد الأزمة التي حلت بالصين بداية و انتشرت الى العالم كافة مع انتشار فيروس كورونا المستجد قامت الجمهورية الصينية ببناء مستشفى خاص بالمرضى و ذلك لانقاص الضغط على المستشفيات الميدانية.

تم بناء المستشفى في ظرف 10 ايام مما أثار جدلا واسعا في مجال الهندسة و قد اعتمد في بناءه على 4000 عامل بطريقة متواصلة ليلا و نهارا و على مساحة .تقدر ب 60.000 م².و ذلك لاستيعاب ما يقارب 1600 سرير و هو مكون من 400 غرفة مزودة بالأجهزة الطبية و الحمامات الخاصة

بني المستشفى بأسس خرسانية مع استخدام الهياكل الجاهزة الصنع و كذا الاعتماد على الألواح الجاهزة من شركة “زانسين” لمواد البناء حيث يتم

نقل الوحدات و الغرف المصّنعة مباشرة الى موقع البناء مما جعل تشييده أكثر سهولة وفي مدة قياسية يتكون المستشفى الصيني من ممرات مركزية تربط بين المساحات الخارجية و هو ذو ارتفاع منخفض .اضافة الى تزويده بالماء و الكهرباء مع العلم ان المستشفى لا يعد متكاملا و انما مركزا صحّيا لاحتواء العدوى بحسب ما صرّح به المهندس سكوت رولينغزالّذي يترأس شركة الهندسة “هوك” فقد اعتمد في انشائه على تصميم جاهز استخدم من قبل في مشفى “شياوتانغشان”.

 

 

و تبقى الاستجابة للأزمات من أولويات الهندسة المعمارية التي تتطلب تصاميم خاصة بمواد بناء تتاسب و حجم الكارثة. الجدير بالذكر ان المنشآت الجاهزة استخدمت من قبل في عدة وظائف حول العالم في الحالات الطارئة و هي تعتبر آمنة لانها تصنع في بيئة يمكن التحكم بها . 

تكنولوجيا بيم .. ضرورة حتمية أم دعاية تسويقية؟

(BIM) تكنولوجيا 

ضرورة حتمية أم دعاية تسويقية؟

—-

بقلم: خليفة محجوبي جاد

مراجعة علمية: رامي مصطفى قارة

مراجعة لغوية: مادوي محمد كمال الدين

—-

لا يسعنا الحديث عن تكنولوجيا الـ

(BIM)

دون أن نتطرق إلى تطور التصميم عبر التاريخ، حيث كان المعماري لا يتم لوحاته الفنية والتقنية للمشروع إلا وبذل مجهودا جبارا نظرا لإمتلاكه وسائل تقليدية وأدوات بسيطة من أقلام رصاص والمسطرة بشكل T والكوس والفرجار وغيرها. إضافة إلى ذلك، لطالما كانت تعتبر عائقا لخياله وقيدا لإبداعه ولتكن قصة المعمارية الفذة زها حديد شاهدة على ذلك. مع التطور التكنولوجي الذي اكتسح كل الميادين، كان حتميا أن يكون للعمارة نصيب، فظهرت برامج التصميم بمساعدة الحاسب وما يعرف بـ

(Computer Aided Design)

والمعروف بالكاد (CAD) ومن أشهر هذه البرامج برنامج (AutoCAD)

والذي تصدره شركة (Autodesk)

. يمكننا هذا النوع من البرامج من إنشاء الخطوط والأشكال ثنائية الأبعاد البسيطة ليصيغها المستخدم كيفما يشاء. استخدام هذه البرامج لسنين طويلة أبرز قصورها وعجل بظهور مشكلتين أساسيتين: انفصال الرسومات وعدم التنسيق بين التخصصات المختلفة لتكون سببا وجيها لبعث ثورة هائلة في مجال العمارة مهدت لظهور ما يعرف بالبيم . 

قبل الخوض في تفاصيل هذه التكنولوجيا لنحدد ما هي الخطوات الأساسية في كل مشروع، فنجد انها تبدأ بفكرة، فتصميم، فحسابات، فمخططات، فتسعير، فتخطيط، ثم تنفيذ، وصولا الى التشغيل والصيانة.

إنها ببساطة هذه هي الخطوات لأي مشروع هندسي. فأي مبنى، صناعي كان أو تجاري أو حتى سكني، يتطلب إنشاؤه تعاون مهندسين من مختلف المجالات فيقوم كل منهم بدوره اثناء كل مرحلة من مراحل المشروع، لكن المشكلة الكبرى تقع في ضعف التعاون او الفهم الخاطئ الذي قد يقع بينهم، الامر الذي قد يولد مشاكل كبيرة اثناء تصميم المشروع ومشاكل أكبر اثناء تنفيذه، ناهيك عن الوقت الضائع والذي يعد عمليا خسارة اقتصادية ومعنوية. فباستخدام برامج للنمذجة مثل

(Revit, Archicad, Tekla,…)

سيسهل ذلك بدءا بعمل نموذج معماري ثم إنشائي، ثم يتم تصدير النموذج هذا لبرامج التحليل الإنشائي لتحليلها، ثم تعديلها، والتأكد من قطاعات العناصر، ثم تعديل النموذج المعماري بناءً على ذلك إن لزم الأمر، يتم أيضًا تصدير النماذج لبرامج تحليل الطاقة في حالة المشاريع الكبيرة لمحاولة تقليل استهلاكها، كما يمكن عمل نموذج لشبكات الكهرباء والميكانيكا والصرف، ثم دمج الثلاث نماذج المعماري والإنشائي والشبكات بداخل برنامج مثل

(NavisWorks)

لمعرفة أماكن التعارض بين النماذج الثلاثة لتجنب أي مشاكل مستقبلية عند التنفيذ¹.

عند إدخال معلومات الوقت للنموذج النهائي يمكننا تسمية النموذج بنموذج رباعي الأبعاد

(4D BIM) وبإضافة التكلفة للعناصر يسمى

(5D BIM). لا يتوقف دور الـ

(BIM) بانتهاء التصميم ولكن يجب أن يتم إضافة أي تعديل يتم للمنشأ أثناء التنفيذ أو في المستقبل، ليصبح عندك نموذج مطابق للواقع وهو ما يسمى نموذج سداسي الأبعاد

(6D BIM) الأمر الذي يسهل أي عمليات تطوير مستقبلية للمنشأ².

والـبيم  موجود منذ 1970 ولكن نقص امكانيات الاجهزة لتمثيل خصائص المبنى في نموذج رقمي آنذاك، أخَر ذلك لوقت لاحق .يظن الكثيرون أن أول من ابتكر تقنية نمذجة معلومات المباني هي شركة

(Autodesk)

، ولكنها معلومة خاطئة حيث أن البداية كانت لشركة

(Graphisoft)

ببرنامجها (ArchiCAD) حيث قدمت الشركة ما أسمته

(Virtual Building)

أو المبنى الافتراضي عام 1987، ولم يتم استخدام مصطلح البيم  إلا بحلول عام 1992، وبدأ انتشاره الحقيقي بعدها بـ10 سنوات تقريبا مع شراء شركة أوتوديسك للبرنامج الأشهر في هذا المجال الريفيت

كلمة البيم هي اختصار ل

Building Information Modeling

أي نمذجة معلومات البناء، بمعنى آخر هي معالجة (وليس برنامج) تعتمد على عمل نماذج لكل معلومات المبنى لجعلها في متناول يد كل المشاركين بالمشروع خلال دورة حياة المبنى³.

يعتمد الأمر بالكامل على المعلومات، فتلك البرامج ذكية تتعامل مع العناصر لا مع الخطوط، بالتالي تجد الأدوات الأساسية بداخل الـ

(Revit)

مثلا عبارة عن أعمدة وحوائط وأبواب وأنابِيب وكل من هذه العناصر يتم تصنيفه بداخل الريفيت حسب خواص عامة في عائلته وخواص لحظية تعتمد على مكانه والمستوى المرسوم فيه ومرحلة بنائه5.

على غرار وجود برامج كثيرة تقوم بعمل محاكاة ثلاثية الأبعاد مثل

(…,SketchUp,3Ds max)

، إلا أن هذه البرامج تتعامل مع مجسمات مجردة مثل المكعبات والكرات، فالمستخدم هو من يشكلها لتعطي الشكل النهائي الذي يريده، لكن في برامج الـ بيم تشعر من اللحظة الأولى بأنك تقوم بالبناء فعليا لكن على شاشة الكمبيوتر.

إذن ما الذي يدفعنا لاستخدام برامج نمذجة معلومات البناء بيم  كبديل لبرامج التصميم التقليدية (كاد)؟

  • تيسير عملية التصميم والرسم. حيث يكفي تعديل لوحة واحدة فقط وهذا التغيير يتم في باقي اللوحات تلقائيا إضافة إلى ذلك، اخراج رسومات بدقة عالية المعروفة ب.

LoD BIM

  • التسعير، إدارة الوقت وترشيد نفقات المشروع. بدقة وسرعة في حساب الكميات والتكلفة.

  • التثبت من سلامة المبنى، باكتشاف الأخطاء بسهولة باستحداث خاصية

Clash detection

وهي إيجاد التعارض في النموذج. مشكلة عدم الانتهاء في الوقت المحدد نتيجة اكتشاف المشاكل داخل الموقع فكان يتم مد فترة المشروع أكثر من مرة، عند التطبيق الصحيح لنمذجة معلومات البناء يتم اكتشاف المشكلات وحلها مبكرًا أثناء العمل على التصميم.

  • دراسة المبنى بيئيا ما ينعكس على الحياة الاجتماعية والصحية. المباني المبتكرة كانت تعاني من مشكلة عدم وجود مرجع أو مباني سابقة يمكن القياس عليها، بالتالي يمكن حدوث مشاكل غير متوقعة نتيجة المناخ أو العوامل الطبيعية غير المحسوب حسابها. أما الآن فنمذجة معلومات البناء توفر كل أنواع المحاكاة لتدارك المشكلة قبل وقوعها.

  • وجود معلومات مطابقة للواقع. يمكن استخدام النموذج في إدارة مرافق المبني وعمل صيانة له بعد إنشاءه.

  • اختصار الوقت والجهد وإعادة الشغل في الموقع أثناء التنفيذ. تحسين تكلفة التعديل التي كانت تقدر بخمس تكلفة المشروع، الآن التعديل كله على الحاسوب. أيضا اختلاف ما تم بناؤه عن التصميم الأصلي نتيجة العمل في الموقع، مما يضطر المهندسين لعمل لوحات مختلفة

As Built))

بعد انتهاء العمل، حاليا ما تم تصميمه هو ما سيتم تنفيذه.

  • تنسيق وتعاون أكبر مع تخصصات الهندسة المختلفة

Worksharing .

حل مشكلة التواصل بين أطراف التصميم من مهندس معماري وإنشائي وإلكتروميكانيكي وأي مشارك في عملية التصميم والتنفيذ، فهذه البرامج سهلت الإلمام بتفاصيل المشروع من قِبل الجميع، ومشاركة التعديلات المختلفة فيما بينهم، لتلافي أي تعارض قد يسبب مشاكل أو أخطاء في التنفيذ.

  • زيادة ثقة العملاء والجمهور. إيضاح التصميم بشكل جيد للعميل، فتصل إليه الصورة النهائية للمبنى ويدرك تفاصيله جيدًا، بدون أن يضطر إلى دراسة رسومات معمارية أو إنشائية قد لا يفهمها، بالتالي يستطيع إبداء رأيه والتعديل على التصميم الذي لا تقارن تكلفة التعديل عليه بتكلفة التعديل على مبنى منفذ.

  • زيادة إنتاجية الموظف وتطوير الكادر الوظيفي. تحسين هيكل المؤسسة مع تخفيض عدد العمالة وتقليل الموظفين.

مع جميع الميزات المذكورة آنفا، إلا أن هناك حواجز تمنع هذا الانتقال التكنولوجي للـبيم :

  • تحقيق الشفافية. عدم إخفاء التفاصيل غير المقبولة وقضاءها على البيروقراطية، قد يتطلب بعض الوقت ليتم قبولها والتعود عليها.

  • مخاوف سير العمل التي تتملك المبتدئ. يعود الامر الى عدم الاستعداد الذهني لقبول فكرة التحول إلى تكنولوجيا حديثة.

  • حجم الشركة وتخصصها والعزوف عن الاستثمار. يتطلب ذلك كل من الوقت والمال اللازمين للانتقال إلى منصة جديدة.

  • غياب إرادة سياسية. مع تشريع منظومة قوانين لتشجيع هذه التكنولوجيا واستحداث آليات لمتابعتها.

لذلك وجب أن يكون انتقالا سلسا ومتدرجا على مستويات عديدة

NIVEAU BIM2 ,NIVEAU BIM1) (NIVEAU BIM 3,

حسب الإمكانيات المتاحة دون التخلي النهائي عن

(CAD)

.كل ذلك يلخص حقيقة أن الأتوكاد هي منتجات رائعة، وقرار الانتقال إلى برامج تكنولوجيا الـبيم أو إلى غيره يخص المستخدم وحده بما يلائم احتياجاته.

باستخدام تكنولوجيا نمذجة معلومات البناء بيم قد يطول وقت التصميم عما كان في السابق، مما يسبب شكا في فعاليته ولكنه يختصر كثيرا من الوقت والتكلفة عند التنفيذ، حيث يكون عند المهندسين تخيل كامل لكل جزء من المنشأ، وتوقع كامل لكل العقبات التي قد تقابلهم بالتالي تجهيز الحلول لها مسبقا.

إذن هل فكرت بقيام بهذه النقلة من كاد إلى بيم؟ قمت بها فعلا؟ أم استبعدت الفكرة؟

—-

المصادر:

– (1) & (2) & (3) & (4) تكنولوجيا المعلومات في إدارة المشاريع الإنشائية فائق محمد سرحان، عيدان الزويني.

الصور:

10 Projects in Which BIM was Essential

www.archdaily.com/920839/10-projects-in-which-bim-was-essential